الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير
.الْأَثر الرَّابِع: وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بعد أَن ترْجم: بَاب يَأْتِي بِدُعَاء الِافْتِتَاح عقيب تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح ثمَّ يقف بَين كل تكبيرتين يهلل الله ويكبره وَيَحْمَدهُ وَيُصلي عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. من حَدِيث هِشَام، نَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة «أَن ابْن مَسْعُود وَأَبا مُوسَى وَحُذَيْفَة خرج إِلَيْهِم الْوَلِيد بن عقبَة قبل الْعِيد فَقَالَ لَهُم: إِن هَذَا الْعِيد قد دنا فَكيف التَّكْبِير فِيهِ؟ فَقَالَ عبد الله: تبدأ فتكبر تَكْبِيرَة تفتتح بهَا الصَّلَاة، وتحمد رَبك وَتصلي عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَدْعُو ثمَّ تكبر، وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك ثمَّ تقْرَأ وتركع، ثمَّ تقوم فتكبر وتحمد رَبك وَتصلي عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَدْعُو ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك». قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا من قَول ابْن مَسْعُود مَوْقُوف عَلَيْهِ، فنتابعه فِي الذّكر بَين كل تكبيرتين إِذْ لم يرو خِلَافه عَن غَيره، ونخالفه فِي عدد التَّكْبِيرَات وتقديمهن عَلَى الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا؛ بِحَدِيث رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ فعل أهل الْحَرَمَيْنِ وَعمل الْمُسلمين إِلَى يَوْمنَا هَذَا. ثمَّ رَوَى من حَدِيث عَلّي بن عَاصِم، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ، عَن جَابر قَالَ: «مَضَت السّنة أَن يكبر للصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ سبعا وخمسًا، يذكر الله مَا بَين كل تكبيرتين». قلت: قد عرفت قَول ابْن مَسْعُود وَبَقِي فعله، وَقد أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم «أَن الْوَلِيد بن عقبَة دخل الْمَسْجِد وَابْن مَسْعُود يَقُول: الله أكبر. ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ، وَيُصلي عَلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو الله، ثمَّ يكبر ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ، وَيُصلي عَلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو الله، ثمَّ يكبر ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ وَيُصلي عَلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو الله ثمَّ كبر وَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، ثمَّ كبر وركع وسجد ثمَّ قَامَ وَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، ثمَّ كبر وحمد الله وأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلى عَلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وركع وَسجد فَقَالَ حُذَيْفَة وَأَبُو مُوسَى: أصَاب» وَفِيه أَيْضا عَنهُ: «أَن بَين التكبيرتين قدر كلمة». وأسنده ابْن عَسَاكِر من حَدِيث حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة «أَن ابْن مَسْعُود وَأَبا مُوسَى وَحُذَيْفَة خرج عَلَيْهِم الْوَلِيد بن عقبَة قبل الْعِيد يَوْمًا فَقَالَ لَهُم: إِن الْعِيد قد دنا فَكيف التَّكْبِير فِيهِ؟ قَالَ عبد الله: تبدأ فتكبر تَكْبِيرَة تفتتح بهَا الصَّلَاة وتحمد رَبك وَتصلي عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ تَدْعُو وتكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك، ثمَّ تكبر وَتفعل مثل ذَلِك ثمَّ تركع. فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَحُذَيْفَة: صدق عبد الله». .الْأَثر الْخَامِس: وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث أبي زَكَرِيَّا فِي الْجِنَازَة وَالْعِيدَيْنِ، ثمَّ قَالَ: هُوَ مُنْقَطع. قلت: وَضَعِيف لأجل ابْن لَهِيعَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن بكر بن سوَادَة، عَن أبي زرْعَة اللَّخْمِيّ «أَن عمر..» فَذكره فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ. .الْأَثر السَّادِس: وَهَذَا الْأَثر ذكره هَكَذَا صَاحب جمع الْجَوَامِع بِزِيَادَة: قَالَ الشَّافِعِي: وَيَقُول عبيد الله: نقُول. قلت: ورَوَاهُ الشَّافِعِي أَنا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبدٍ الْقَارِي عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة: «السّنة أَن يخْطب الإِمَام فِي الْعِيدَيْنِ خطبتين يفصل بَينهمَا بجلوس، وَالسّنة فِي التَّكْبِير فِي يَوْم الْأَضْحَى وَالْفطر عَلَى الْمِنْبَر قبل الْخطْبَة أَن يَبْتَدِئ الإِمَام قبل الْخطْبَة وَهُوَ قَائِم عَلَى الْمِنْبَر بتسع تَكْبِيرَات تترى لَا يفصل بَينهمَا بِكَلَام، ثمَّ يخْطب ثمَّ يجلس جلْسَة ثمَّ يقوم فِي الْخطْبَة الثَّانِيَة فيفتتحها بِسبع تَكْبِيرَات تترى لَا يفصل بَينهمَا بِكَلَام ثمَّ يخْطب». رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث الدَّرَاورْدِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبدٍ الْقَارِي، أَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله حَدثهُ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَنه قَالَ: «السّنة فِي تَكْبِير الإِمَام يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى حِين يجلس عَلَى الْمِنْبَر قبل الْخطْبَة تسع تَكْبِيرَات وَسبعا حِين يقوم ثمَّ يَدْعُو وَيكبر بَعْدَمَا بدا لَهُ». قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ غَيره عَن إِبْرَاهِيم، عَن عبيد الله «تسعا تترى إِذا قَامَ فِي الأولَى، وَسبعا تترى إِذا قَامَ فِي الْخطْبَة الثَّانِيَة» ثمَّ سَاق رِوَايَة الشَّافِعِي السالفة. وَإِبْرَاهِيم هَذَا قد علمت أَقْوَال أهل الْفَنّ فِيهِ فِي كتاب الطَّهَارَة من كتَابنَا هَذَا، وَعبيد الله هَذَا تَابِعِيّ، وَإِذا قَالَ التَّابِعِيّ: من السّنة كَذَا. فَالْأَصَحّ وَقفه، وَقيل: إِنَّه مَرْفُوع مُرْسل. وَلَا حجَّة فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، أما عَلَى هَذَا فلإرساله، وَأما عَلَى الأول فَلِأَنَّهُ لم يثبت إِسْنَاده وَلَا حجَّة فِيهِ إِذن عَلَى الصَّحِيح. .الْأَثر السَّابِع: وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه بِلَفْظ: «كبر بِنَا عُثْمَان وَهُوَ مَحْصُور فِي الظّهْر يَوْم النَّحْر إِلَى أَن صَلَّى الظّهْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَكبر فِي الصُّبْح وَلم يكبر فِي الظّهْر». .الْأَثر الثَّامِن وَالتَّاسِع: وَهَذَانِ رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ والْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ بأسانيده عَن عُثْمَان وَابْن عمر وزيد بن ثَابت وَأبي سعيد نَحْو مَا روينَا عَن ابْن عمر. .الْعَاشِر: وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي كتاب عَلّي وَعبد الله كَمَا عزاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة إِلَيْهِ قَالَ: وَالرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس مُخْتَلفَة فَروِيَ عَنهُ «أَنه كَانَ يكبر من صَلَاة الظّهْر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق» وَذكر فِي سنَنه عَنهُ هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ فِي بَابَيْنِ. قلت: وَقد اخْتلفت الرِّوَايَة أَيْضا عَن ابْن عمر فَفِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة عَنهُ «أَنه كَانَ يكبر من ظهر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر يَوْم النَّفر يَعْنِي الأول» وَقد اخْتلف أَيْضا عَن زيد فَفِي المُصَنّف الْمَذْكُور عَنهُ «أَنه كَانَ يكبر من ظهر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق». .كتاب صَلَاة الْكُسُوف: {رَبنَا آتنا من لَدُنْك رَحْمَة وهيئ لنا من أمرنَا رشدا}. كتاب صَلَاة الْكُسُوف: ذكر فِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ سِتَّة عشر حَدِيثا: .الحديث الأول: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه، وَهُوَ مَعْدُود من أَفْرَاده، بل لم يخرج مُسلم عَن أبي بكرَة فِي الْكُسُوف شَيْئا، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان فِي صَحِيحه: «فَإِذا انكسف أَحدهمَا فافزعوا إِلَى الْمَسَاجِد»، وَفِي رِوَايَة للبيهقي بِإِسْنَاد حسن: «فَإِذا كُسف وَاحِد مِنْهُمَا فَادعوا واذْكُرُوا الله». تَنْبِيه: وَقع فِي كَلَام الشَّيْخ محيي الدَّين مَا يُوهم أَن هَذَا الحَدِيث خرَّجه مُسلم أَيْضا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي خلاصته: فِي الصَّحِيحَيْنِ نَحْو حَدِيث الْمُغيرَة من حَدِيث ابْن عمر وَأبي مَسْعُود وَأبي بكرَة. وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب: رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة، مِنْهُم: جَابر، وَأَبُو بكرَة. وَقد علمت أَنه من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَقد شهد بِانْفِرَادِهِ بِهِ عبد الْحق فِي جَمْعه، وَابْن الْجَوْزِيّ فِي جَامع المسانيد، وَقد عزاهُ فِي أذكاره إِلَى البُخَارِيّ وَحده فَأصَاب، وَقد انْفَرد مُسلم أَيْضا بِإِخْرَاجِهِ من حَدِيث جَابر، لَا كَمَا زعم أَنه من الْمُتَّفق عَلَيْهِ، فَتنبه لذَلِك. .الحديث الثَّانِي: هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته، رَوَاهُ مُسلم مُخْتَصرا مُنْفَردا بِهِ من حَدِيث حبيب بن أبي ثَابت عَن طَاوس عَنهُ بِلَفْظ: «صَلَّى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين كسفت الشَّمْس ثَمَانِي رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات» وَعَن عَلّي مثل ذَلِك. وَفِي لفظ آخر لَهُ من هَذَا الْوَجْه «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام صلَّى فِي كسوفٍ، قَرَأَ ثمَّ ركع، ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع، ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع، ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع، ثمَّ سجد، وَالْأُخْرَى مثلهَا». وَفِي لفظ آخر لَهُ من وَجه آخر عَنهُ: «صَلَّى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات» وَرَوَاهُ هُوَ وَالْبُخَارِيّ مطولا بِقصَّة. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَقد اشتهرت الرِّوَايَة من فعل النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ، يَعْنِي عَلَى أَن فِي كل رَكْعَتَيْنِ ركوعين. وَهُوَ كَمَا قَالَ، فقد ثَبت ذَلِك فِي حَدِيث عَائِشَة، وَأَسْمَاء، وَابْن عَبَّاس، وَجَابِر بن عبد الله، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، وَغَيرهَا من الْأَحَادِيث. .الحديث الثَّالِث: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم كَمَا سلف قَرِيبا، وَطعن فِيهِ ابْن حبَان فِي صَحِيحه، فَقَالَ فِي صَحِيحه: هَذَا الْخَبَر لَيْسَ بِصَحِيح؛ لِأَنَّهُ خبر يرويهِ حبيب بن أبي ثَابت، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، وحبِيب لم يسمع من طَاوس هَذَا الْخَبَر. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة: هَذَا الحَدِيث مِمَّا ينْفَرد بِهِ حبيب هَذَا، وَهُوَ وَإِن كَانَ ثِقَة فَهُوَ يُدَلس، وَلم يبيِّن فِيهِ سَمَاعه عَن طَاوس، فَيُشبه لِأَن يكون حمله عَن غير موثوق بِهِ، وَقد خَالفه فِي رَفعه وَمَتنه سُلَيْمَان الْأَحول فَرَوَاهُ عَن ابْن عَبَّاس من فعله ثَلَاث رَكْعَات فِي رَكْعَة، وَلذَلِك لم يخرج البُخَارِيّ هَذِه الرِّوَايَة فِي صَحِيحه. وَقَالَ فِي سنَنه: حبيب بن أبي ثَابت وَإِن كَانَ من الثِّقَات فقد كَانَ يُدَلس، وَلم أجد ذكر سَمَاعه عَن طَاوس، وَيحْتَمل أَن يكون حمله عَن غير موثوق بِهِ عَن طَاوس. انْتَهَى كَلَامه، وَلَك أَن تَقول: حبيب هَذَا من الْأَثْبَات الأجلاء، فَلَعَلَّ إِخْرَاج مُسلم لَهُ لكَونه ثَبت عِنْده سَمَاعه من طَاوس، وَهَذَا هُوَ عذر التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي كَونه صَححهُ فِي جامعه. .الحديث الرَّابِع: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث عمر بن شَقِيق، نَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن الرّبيع ابْن أنس، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: «انكسفت الشَّمْس عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى بهم، فَقَرَأَ بِسُورَة من الطول، ثمَّ ركع خمس رَكْعَات وسجدتين، ثمَّ قَامَ الثَّانِيَة فَقَرَأَ بِسُورَة من الطول، وَركع خمس رَكْعَات وسجدتين، ثمَّ جلس كَمَا هُوَ مُسْتَقْبل الْقبْلَة يَدْعُو، حَتَّى انجلى كسوفها». وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه، وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، حَدثنِي أبي، عَن أَبِيه، عَن الرّبيع بن أنس، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن أبيًّ بِهِ. وَأَبُو جَعْفَر هَذَا قد علمت حَاله فِي حَدِيث الْقُنُوت فِي بَاب صفة الصَّلَاة، قَالَ الْحَاكِم: الشَّيْخَانِ قد هجراه وَلم يخرجَا عَنهُ، وحاله عِنْد سَائِر الْأَئِمَّة أحسن الْحَال، وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ أَلْفَاظ، وَرُوَاته صَادِقُونَ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِسْنَاد لم يحْتَج صاحبا الصَّحِيح بِمثلِهِ، وَلَكِن أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن. قلت: وَنقل الْبَيْهَقِيّ عَن الْحَاكِم تَصْحِيحه لحَدِيث الْقُنُوت وَأقرهُ عَلَيْهِ. قلت: وَلِهَذَا الحَدِيث إِسْنَاد آخر من حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث قَتَادَة، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْها-: «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى عشر رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات». لَكِن قَالَ ابْن عبد الْبر: سَماع قَتَادَة من عَطاء عِنْدهم غير صَحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَذهب جمَاعَة من أهل الحَدِيث إِلَى تَصْحِيح الرِّوَايَات فِي عدد الرَّكْعَات، وَحملُوهَا عَلَى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام فعلهَا مَرَّات، وَأَن الْجَمِيع جَائِز، فَمِمَّنْ ذهب إِلَيْهِ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَابْن خُزَيْمَة، والضبعيُّ، والخطابيُّ، وَاسْتَحْسنهُ ابْن الْمُنْذر، قَالَ: وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي ثمَّ البُخَارِيّ من تَرْجِيح الْأَخْبَار أولَى لما ذكرنَا من رُجُوع الْأَخْبَار إِلَى حِكَايَة صلَاته فِي يَوْم توفّي ابْنه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام. .الحديث الخَامِس: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الشَّافِعِي، كَمَا عزاهُ إِلَيْهِ، وَسَنَده فِيهِ: أَنا مَالك، عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار، عَن ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ عَن القعْنبِي، عَن مَالك، وَمُسلم عَن مُحَمَّد بن رَافع، عَن إِسْحَاق بن عِيسَى، عَن مَالك. .الحديث السَّادِس: هُوَ كَمَا قَالَ، وَقد أخرجه مَعَه البُخَارِيّ أَيْضا من طَرِيقين: أَحدهمَا: من طَرِيق أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَثَانِيهمَا: من طَرِيق عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بِإِخْرَاجِهِ من حَدِيث عَائِشَة، وَأَسْمَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، وَمُسلم من حَدِيث جَابر، وَأَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِم، وَصَححهُ من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم. وَأغْرب صَاحب الْمُهَذّب فَقَالَ: إِن تَطْوِيل السُّجُود لم ينْقل فِي خبر. وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ مَعَ جلالته، ثمَّ ادَّعَى أَن الشَّافِعِي لم يذكرهُ، وَقد نَص عَلَيْهِ فِي «الْبُوَيْطِيّ» فِي موضِعين مِنْهُ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره عَنهُ. .الحديث السَّابِع: هُوَ كَمَا قَالَ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «خسفت الشَّمْس عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبعث مناديًا يُنَادي: الصَّلَاة جَامِعَة. فَاجْتمعُوا، وَتقدم فَكبر وَصَلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ». .الحديث الثَّامِن: هُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد رَوَاهُ الشَّافِعِي: عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، عَن الْحسن، عَن ابْن عَبَّاس «أَن الْقَمَر كسف وَابْن عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ، فَخرج ابْن عَبَّاس فَصَلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، فِي كل رَكْعَة رَكْعَتَانِ، ثمَّ ركب فَخَطَبنَا فَقَالَ: إِنَّمَا صليت كَمَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي. وَقَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا مِنْهَا خاسفًا فَلْيَكُن فزعكم إِلَى الله- عَزَّ وَجَلَّ». وَإِبْرَاهِيم هَذَا قد علمت حَاله فِي أول الْكتاب فِي حَدِيث المشمس، كَمَا سلف التَّنْبِيه عَلَيْهِ غير مرّة. وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عَائِشَة «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات». وَذكر الْقَمَر غَرِيب كَمَا نبه عَلَيْهِ الْمُحب فِي أَحْكَامه. .الحديث التَّاسِع: هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته، أَخْرجَاهُ كَذَلِك. .الحديث العَاشِر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَقد تقدم قَرِيبا، وَهُوَ الحَدِيث الْخَامِس. .الحديث الحَادِي عشر: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث ابْن لَهِيعَة، نَا يزِيد بن أبي حبيب، عَن عِكْرِمَة عَنهُ قَالَ: «صليت مَعَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكُسُوف، فَلم أسمع مِنْهُ فِيهَا حرفا من الْقُرْآن». وَابْن لَهِيعَة قد علمت حَاله فِيمَا مَضَى. وَفِي مُسْند أَحْمد والسّنَن الْأَرْبَعَة من حَدِيث ثَعْلَبَة بن عباد، عَن سَمُرَة قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كسوف لَا نسْمع لَهُ صَوتا». قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ: كَانَ سَمُرَة فِي أخريات النَّاس؛ فَلذَلِك لم يسمع صَوته، وَأخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ. وَأما أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَقَالَ: لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ لم يروه إِلَّا ثَعْلَبَة بن عباد الْعَبْدي، وَهُوَ مَجْهُول، وَكَأَنَّهُ تبع فِي ذَلِك ابْن الْمَدِينِيّ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: الْأسود بن قيس يروي عَن مَجَاهِيل. وَهُوَ رَاوِي هَذَا الحَدِيث عَنهُ، وَلَا يحضرني رَوَى عَنهُ غَيره، لَكِن ذكره ابْن حبَان فِي ثقاته، وَتَصْحِيح الْأَئِمَّة الماضين لحديثه يرفع عَنهُ الْجَهَالَة. .الحديث الثَّانِي عشر: هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته، وَلَفظ مُسلم: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام جهر فِي صَلَاة الخسوف بقرَاءَته، فَصَلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات». وَلَفظ البُخَارِيّ نَحوه، وَقَالَ: تَابع مُحَمَّد بن مهْرَان- يَعْنِي شَيْخه وَشَيخ مُسلم- فِي هَذَا الحَدِيث شَقِيق بن حُسَيْن وَسليمَان بن كثير عَن الزُّهْرِيّ فِي الْجَهْر. وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة، عَن عَائِشَة: «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ قِرَاءَة طَوِيلَة يجْهر بهَا» يَعْنِي فِي صَلَاة الْكُسُوف. وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِلَفْظ: «كسفت الشَّمْس عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَصَلى بهم رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات، وجهر بِالْقِرَاءَةِ». وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ: عَلَى شَرطهمَا وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: حَدِيث عَائِشَة فِي الْجَهْر ينْفَرد بِهِ الزُّهْرِيّ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: قَالَ البُخَارِيّ: حَدِيث عَائِشَة فِي الْجَهْر أصح من حَدِيث سَمُرَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لكنه لَيْسَ بأصح من حَدِيث ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ فِي قِرَاءَة النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «بِنَحْوِ من سُورَة الْبَقَرَة». قَالَ الشَّافِعِي: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنه لم يسمع مَا قَرَأَ إِذْ أَنه لَو سَمعه لم يقدره بِغَيْرِهِ. قَالَ: وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: «قُمْت إِلَى جنب النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خُسُوف الشَّمْس، فَمَا سَمِعت مِنْهُ حرفا». رَوَاهُ ابْن لَهِيعَة والواقدي وَالْحكم، وَهَؤُلَاء وَإِن كَانُوا لَا يحْتَج بهم فهم عدد، وروايتهم هَذِه توَافق الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَن ابْن عَبَّاس، وتوافق حَدِيث عَائِشَة فِي الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كسوف الشَّمْس، وَفِيه: «فحزرت قِرَاءَته، فَرَأَيْت أَنه قَرَأَ بِسُورَة الْبَقَرَة...» وسَاق الحَدِيث، وَرُوَاته كلهم ثِقَات، وتوافق رِوَايَة سَمُرَة بن جُنْدُب، وَإِنَّمَا الْجَهْر عَن الزُّهْرِيّ فَقَط، وَهُوَ وَإِن كَانَ حَافِظًا فَيُشبه أَن يكون الْعدَد أولَى بِالْحِفْظِ من الْوَاحِد. .الحديث الثَّالِث عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث جَابر بِلَفْظ: «فَإِذا خسفا فصلوا حَتَّى تنجلي» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «فَإِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا من ذَلِك فصلوا حَتَّى تنجلي» وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة بِلَفْظ: «فَإِذا رأيتموهما فَادعوا الله وصلوا حَتَّى تنكشف». وروياه أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة بِلَفْظ: «فَإِذا رأيتموها فصلوا حَتَّى تنفرج عَنْكُم». وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «فَإِذا رَأَيْتُمْ كسوفًا فاذكروا الله حَتَّى ينجليا». .الحديث الرَّابِع عشر: هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته من حَدِيث أنس، أَخْرجَاهُ مطولا، ولعلنا نذكرهُ بِكَمَالِهِ فِي بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء إِن شَاءَ الله. .الحديث الخَامِس عشر: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي الْأُم فَقَالَ: أَخْبرنِي من لَا أتهم، نَا الْعَلَاء بن رَاشد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس بِهِ، قَالَ ابْن عَبَّاس: فِي كتاب الله تَعَالَى: {إِنَّا أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا} {إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم} وَقَالَ تَعَالَى {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} {أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات} قَالَ الرَّافِعِيّ وَمَا سُوَى كسوف النيرين من الْآيَات كالزلازل وَالصَّوَاعِق والرِّيَاح الشَّدِيدَة لَا يصلى لَهَا بِالْجَمَاعَة؛ إِذْ لم يثبت ذَلِك عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ ذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا. قلت: سَيَأْتِي كَلَام الشَّافِعِي عَلَى ذَلِك وَأَنه علق القَوْل بِهِ عَلَى ثُبُوته. .الحديث السَّادِس عشر: هُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَاسم أم إِبْرَاهِيم مَارِيَة الْقبْطِيَّة، وَلدته فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان من الْهِجْرَة وَتُوفِّي سنة عشر، وَفِي البُخَارِيّ أَنه توفّي وَله سَبْعَة عشر شهرا أَو ثَمَانِيَة عشر شهرا، كَذَا فِيهِ عَلَى الشَّك، وَفِي الْمعرفَة لأبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ أَنه مَاتَ يَوْم الثُّلَاثَاء لأَرْبَع خلون من ربيع الأول سنة عشر. قَالَ الْوَاقِدِيّ وَغَيره: مَاتَ يَوْم الثُّلَاثَاء لعشر خلون من ربيع الأول سنة عشر، وَسَيَأْتِي عَن غَيره أَيْضا، وَدفن بِالبَقِيعِ. وَقَول بعض الْمُتَقَدِّمين فِي إِبْرَاهِيم أَنه لَو عَاشَ لَكَانَ نَبيا فجسارة مِنْهُ، وَقد نبه النَّوَوِيّ فِي تهذيبه عَلَى بُطْلَانه، ووهنه. هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب. وَذكر فِيهِ عَن الزبير بن بكار أَنه قَالَ فِي كتاب الْأَنْسَاب: إِن إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي فِي الْعَاشِر من ربيع الأول. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقد عزاهُ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ وَأَنه كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء ثمَّ قَالَ- أَعنِي الْبَيْهَقِيّ-: فَإِن كَانَ مَحْفُوظًا فوفاة النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بعده بِسنة سنة إِحْدَى عشرَة. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مثله عَن الْوَاقِدِيّ بِإِسْنَادِهِ. هُوَ كَمَا قَالَ فقد ذكره كَذَلِك فِي سنَنه. وَذكر أَيْضا أَنه اشْتهر قتل الْحسن بن عَلّي يَوْم عَاشُورَاء. وَهُوَ كَمَا قَالَ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن أبي قبيل وَغَيره أَن الشَّمْس كسفت يَوْم قتل الْحُسَيْن بن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما وَكَانَ قتل يَوْم عَاشُورَاء وَرَوَى- أَعنِي الْبَيْهَقِيّ- عَن قَتَادَة، أَنه قَالَ: قتل الْحُسَيْن بن عَلّي يَوْم الْجُمُعَة، يَوْم عَاشُورَاء لعشر مضين من الْمحرم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَهُوَ ابْن أَربع وَخمسين سنة وَسِتَّة أشهر وَنصف. وَرَأَيْت فِي التَّهْذِيب للنووي أَن قَتله كَانَ يَوْم السبت سنة إِحْدَى وَخمسين بكربلاء من أَرض الْعرَاق، وقبره مَشْهُور يزار ويتبرك بِهِ، كَذَا رَأَيْته سنة إِحْدَى وَخمسين، وَلَعَلَّه من تَغْيِير النَّاسِخ. وَذكر أَن الْبَيْهَقِيّ رَوَى عَن أبي قبيل أنَّه لما قتل الْحُسَيْن كسفت الشَّمْس كسفة بَدَت الْكَوَاكِب نصف النَّهَار حَتَّى ظننا أَنَّهَا هِيَ. وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد أخرجه كَذَلِك فِي سنَنه من حَدِيث ابْن لَهِيعَة عَن أبي قبيل بِهِ وقبيل بقاف مَفْتُوحَة، ثمَّ بَاء مُوَحدَة مَكْسُورَة، ثمَّ مثناة تَحت، ثمَّ لَام كَذَا ضَبطه ابْن مَاكُولَا وَغَيره، قَالَ الذَّهَبِيّ: واسْمه حييّ- مُصَغرًا، وَقيل: حييّ مكبرًا- ابْن هَانِئ بن ناضر الْمعَافِرِي الْمصْرِيّ، وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين، مَاتَ بالبرلس سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة. وَذكر فِيهِ أَيْضا أَن الشَّافِعِي رَوَى عَن عَلّي «أَنه صَلَّى فِي زَلْزَلَة جمَاعَة» ثمَّ قَالَ: إِن صَحَّ قلت بِهِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن والْمعرفَة عَنهُ بِلَفْظ: قَالَ الشَّافِعِي فِيمَا بلغه عَن عباد، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن قزعة، عَن عَلّي «أَنه صَلَّى فِي زَلْزَلَة سِتّ رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات، خمس رَكْعَات وسجدتين فِي رَكْعَة، وركعة، وسجدتين فِي رَكْعَة» قَالَ الشَّافِعِي: وَلَو ثَبت هَذَا الحَدِيث عندنَا عَن عَلّي لقلنا بِهِ وهم يثبتونه وَلَا يَأْخُذُونَ بِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: هُوَ عَن ابْن عَبَّاس ثَابت... فَذكره بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ فِي الْمعرفَة قَالَ الْمُزنِيّ: قَالَ الشَّافِعِي: لَا أرَى أَن تجمع بِهِ صَلَاة عِنْدِي من الْآيَات غير الْكُسُوف، وَقد كَانَت آيَات فَمَا علمنَا أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِالصَّلَاةِ عِنْد شَيْء مِنْهَا، وَلَا أحد من خلفائه، وَقد زلزلت الأَرْض فِي زمن عمر بن الْخطاب فَمَا علمناه صَلَّى، وَقد قَامَ خَطِيبًا فحض عَلَى الصَّدَقَة، وَأمر بِالتَّوْبَةِ وَأَنا أحب للنَّاس أَن يُصَلِّي كل رجل مِنْهُم مُنْفَردا عِنْد الظلمَة، والزلزلة، وَشدَّة الرّيح، والخسف، وانتثار النُّجُوم، وَغير ذَلِك من الْآيَات، وَقد رَوَى البصريون «أَن ابْن عَبَّاس صَلَّى بهم فِي زَلْزَلَة» وَإِنَّمَا تركنَا ذَلِك لما وَصفنَا من أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْمر بِجمع الصَّلَاة إِلَّا عِنْد الْكُسُوف، وَأَنه لم يحفظ أَن عمر صَلَّى عِنْد زَلْزَلَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: روينَا عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من رِوَايَة ابْن عَبَّاس: «إِذا رَأَيْتُمْ آيَة فاسجدوا» قَالَ: وَذَلِكَ يرجع إِلَى مَا استحبه الشَّافِعِي من الصَّلَاة عَلَى الِانْفِرَاد، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: «إِذا سَمِعْتُمْ هادًّا من السَّمَاء فافزعوا إِلَى الصَّلَاة».
|